اليمن بين مطرقة الحوثي وسندان الانتقالي: ثورة 26 سبتمبر تحت الحصار شمالاً وجنوبا
الصبيحة-نيوز
في مشهد يعكس تعقيدات المشهد السياسي اليمني والانقسامات المتعمقة بين الشمال والجنوب، تواجه ذكرى ثورة 26 سبتمبر، التي أسقطت نظام الإمامة في 1962، تحديات غير مسبوقة.
في الشمال، أعلن الحوثيون رفضهم القاطع لإقامة أي احتفال بهذه المناسبة الوطنية، بينما في الجنوب، أصدر المجلس الانتقالي الجنوبي توجيهات صارمة بمنع الاحتفال بنفس العيد في المناطق الواقعة تحت سيطرته.
هذا التباين الصارخ في التعامل مع ذكرى وطنية مفصلية يكشف عن واقع مأساوي يعيشه اليمن اليوم، حيث أصبح الإرث الثوري الذي وحد اليمنيين في مواجهة الظلم والتخلف محل انقسام وصراع بين القوى المتصارعة، الحوثيون، الذين يسعون لإعادة عقارب الساعة إلى الوراء عبر مشروعهم الطائفي، يتجاهلون عن قصد دلالات هذه الثورة، بل ويعملون على طمسها من الذاكرة الجماعية.
وفي الجهة المقابلة، يتخذ المجلس الانتقالي الجنوبي موقفا مشابها بمنعه الاحتفالات في الجنوب، مما يعكس رؤية سياسية تسعى لتعزيز الانفصال وفصل الجنوب عن الشمال تحت ذريعة الهوية الجنوبية، إزاء هذا الواقع، تتلاشى آمال اليمنيين في استعادة لحظة الوحدة الوطنية التي جسدتها ثورة 26 سبتمبر، كيف يمكن لشعب أن ينهض ويتجاوز أزماته إذا كانت ذاكرته الثورية نفسها مهددة بالطمس والتجاهل؟ وهل بات الاحتفال بالمناسبات الوطنية في اليمن مجرد ساحة جديدة لتصفية الحسابات السياسية؟
إن ما يحدث اليوم ليس مجرد منع للاحتفالات، بل هو جزء من صراع أوسع على الهوية والمستقبل، في الشمال، يسعى الحوثيون لإقامة دولة طائفية على أنقاض الجمهورية، وفي الجنوب، يبدو أن الانتقالي يتجه نحو بناء كيان مستقل بعيدا عن رؤية اليمن الموحد.
بين مطرقة الحوثي وسندان الانتقالي، يجد اليمن نفسه في منعطف خطير، حيث تصبح الثورة التي جمعت اليمنيين قبل أكثر من ستة عقود مجرد ذكرى باهتة تتقاذفها الأهواء السياسية والمصالح الفئوية.